القرية: المعروفة تدل على نفسها وعلى أهلها وعلى ما يجيء منها ويعرف بها، لأن المكان يدل على أهله كما قال تعالى: ” واسْأل القَرْيةَ ” يعني أهلها. وربما دلت القرية على دار الظلم والبدع والفساد والخروج عن الجماعة، والشذوذ عن جماعة رأي أهل المدينة، ولذا وسم الله تعالى دور الظالمين في كتابه بالقرى. وقد تدل على بيت النمل، ويدل بيت النمل على القرية، لأن العرب تسميها قرية. فمن هدم قرية أو أفسدها، أو رآها خربت وذهب من فيها، أو ذهب سيل بها أو احترقت بالنار، فإن كانت معروفة، جار عليها سلطان، وقد يدل ذلك على الجراد والبرذ والجوانح والرباء. وردم كوة النمل في سقف البيت، وكذلك في المقلوب من صنع ذلك بكوة النمل أو الحيات، عدا أهل القرية بالظلم والعدوان، وعلى كنيسة أو دار مشهورة بالفسوق، ومن رأى أنه دخل قرية حصينة، فإنه يقتل أو يقاتل لقوله تعالى: ” لا يُقاتِلوكُمْ جميعاً إلا في قُرَىً مُحَصنة ” . وقيل من رأى أنه يجتاز من بلد إلى قرية، فإنه يختار أمراً وضيعاً على أمر رفيع، أو قد عمل عملاً محموداً يظن أنه في محمود، أو قد عمل خيراً يظن أنه شر، فيرجع عنه، وليس بجازم، فإن رأى أنه دخل قرية، فإنه يلي سلطاناً، فإن خرج من قرية، فإنه ينجو من شدة ويستريح، لقوله تعالى: ” أخْرِجْنا مِنْ هَذِهِ القَرْيةِ الظّالم أهْلُها ” . فإن رأى كأن قرية عامرة خربت والمزارع تعطلت، فإنه ضلالة أو مصيبة لأربابها. وإن رآها عامرة، فهو صلاح دين أربابها.